تعليق دولة حزب الله
نادر فوز

حين تفرّغ المحور لحسن

22 آب 2022

حسن ليس شخصيةً من نسج الخيال. شاب لبناني، يسعى الحزب الممانع، المتوسّع من المتوسّط إلى الخليج، وراء طرده من بلدته لأنه خالف التعاليم والتدابير. حسن ليس شخصيةً وهميّة، هو بالعكس يوضّح حقد بعض من في هذا المحور. ضربٌ، ثم تهديد بالقتل، ودعوة علنية غير متبنّاة رسمياً لكن غير منفية علناً على التهجير. محور بهذا الحجم، أزعجه مصوّر شاب التقط فيديو ونشره على وسائل التواصل الاجتماعي. ليس الفيديو قصّته، بل التباين والاختلاف الذي عرضه أمام الجميع. جرمه الفعلي خروجه عن القواعد. فبيئة المحور لا تئنّ ولا تجوع ولا تعترض. المحور لا يحتمل كل هذه التفاصيل. المحور لا يحتمل آراء ووجهات نظر. المحور وجمهوره انتهوا من إسقاط الاستكبار والحصار، وتفرّغوا لحسن. 


قتل شرعي

بعد تهديد حسن وخروجه القسري من بلدته الجنوبية، سأل جزء من جمهور المحور من هو أصلاً، مين سامع فيه؟ يجب أن تكون الضحية ذات حجم معنوي أو سياسي. كسلمان رشدي مثلاً. تبنّى المحور طعن سلمان رشدي، وأحيت الجريمة لغة القتل. والقتل في هذه الحالة، بما هو معلوم، جاء بفعل فتوى دينية. سكين مبارك من الله، أو ممثلّيه، أو المكلّفين تنفيذ مشيئته ومشروعه وآياته. النقاش في التكليف الديني ضربٌ من ضروب الحرام، وأصبح على ما يبدو حتى النقاش في القتل ضرباً من ضروبه أيضاً. في حالة سلمان رشدي أو غيره، لا نزال بحاجة إلى إعداد الحجج وجمعها لمناقشة قوم من القتلة واستنكار جرائمهم المرتبكة ضد كاتب أو ناشط أو سياسي أو امرأة. والمأزق يتّسع، حين يصل هؤلاء إلى تكريس فكرة وجود قتل شرعي وآخر حرام، قتل مفصّل على قياس المحور وشريعته وبرنامجه. 


قضيّة بوصلة

في حالة رشدي، لم يجد محور الممانعة والمقاومة على وسع امتداده أي صعوبة في تبنّي الجريمة، إن كان تبنيّاً فعلياً كما جاء على لسان رجال دين وسياسيين وصحافيين، أو تبنيّاً ضمنياً من خلال السكوت وتحويل البوصلة إلى شمالٍ آخر. في هذا المحور، حتى الراغبين في التمايز في الموقف تجاه القتل والاغتيال، وجدوا أنفسهم عراة معرّضين للرجم. وذاقوا في الرجم بعضاً من سموم التخوين والاتّهام بالعمالة وتضييع البوصلة. وفي هذا المحور، كل القصّة أنّ هناك دائماً بوصلة مُجهّزة ومعدّة سلفاً، للدلالة على هدف أو مكان أو عنوان واحد. من يخرج عنها عميل أو كافر أو مرتدّ، سياسياً أو دينياً، لا فرق. والمهمّ أن لا نقاش في ذلك، مجرّد حمل فكرة أو طرحها، التعبير عن تمايز أو اختلاف، خروج عن البوصلة كقضية. 


كاريكاتور الحلول

لا مكان للنقاش في المحور. إن اختلف اثنان فيه، يجمعهم مرشدٌ إلى طاولة عشاء أو في جلسة خاصة. أو يُرسِل إليهم معاوناً برتبة ضابط ارتباط، لتقريب وجهات النظر، أو نسفها. انتخابات رئاسية في بيروت أو تشكيل حكومة، انتخابات تشريعية أو أزمة عراقية، حوار يمني أو مسيّرات خارج الحدود، البوصلة يجب أن تبقى واحدة. حتى العناوين الكاريكاتورية يتمّ تبنّيها. زراعة البلاكين، بيض الفرّي، التوجّه شرقاً، تصدير البطاطا، الجهاد الصناعي، وغيرها. فيقدّم المحور مشروعاً اقتصادياً بالغاً في فراغه، خالياً من الإصلاحات والحلول. ويقدّم مشروعاً مقاوماً مفرطاً في تعنّته، لا يحرّر شعباً من موروثاته ولا يحرّر وطناً من ميليشياته، ولا يتبنّى على الأقلّ فكرةً تقدمية واحدة يمكنه من خلالها كسر عين خصومه فيها. وفي الحقيقة، المحور غير معني بخصومه، هم أعداء، خونة، عملاء، كفرة، مرتدّون. نكرات. من هم أصلاً هؤلاء الأعداء، مين سامع فيهم؟ 

نحن مجرّد أفراد. لكلّ منا فكرة أو رأي أو تفاهة. نتواجد على لوح ألوان واحد، غير متجانس. نجتمع بإرادتنا أو عكسها. مجرّد وجودنا يُغضِب كارهي الحياة الملوّنة، وغالبًا من دون أن ندري ذلك. لكن من نحن أصلًا، مين سامع فينا؟ 

آخر الأخبار

حدث اليوم - فلسطين الاربعاء 24 نيسان 2024 
صور جديدة تكشف «ضربة أصفهان»
مختارات من الصحافة الإسرائيلية 24/4/2024 
المخيّم الذي صار دخاناً
24-04-2024
أخبار
المخيّم الذي صار دخاناً
20 جامعة أميركيّة، 20 مخيّماً تضامنيّاً مع غزّة
تعليق

ما مغزى النقد؟

سامر فرنجية