تعليق القاضي بيطار
نادر فوز

هَرطَقَة القاضي البديل: حنين إلى الزمن العَضُّومي

26 أيلول 2022

بَديلٌ. رَديفٌ. مُنتَدَبٌ. 

تعدّدت الأوصاف والهرطقة واحدة: تعيين قاضٍ ليتسلّم مهامّ المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت. هرطقة صافية. مقطّرة، بلديّة وأصيلة. 


هرطقة قانونيّة

  1. نعرف أنّ جلسة مجلس القضاء الأعلى المخصّصة للبتّ بقرار تعيين القاضية سمرندا نصّار بديلاً للقاضي طارق بيطار، هي جلسة غير شرعية لفقدان نصابها القانوني، إذ أنّ القاضيَين غسان عويدات وحبيب مزهر غير مخوّلين النظر في أي جانب من جوانب ملف انفجار مرفأ بيروت. 
  2. نعرف أنّ وزير العدل هنري خوري اقترح اسماً وحيداً للقاضي البديل، سمرندا نصّار، وقدّم اقتراحه، الأشبه بالتعيين لمجلس القضاء، خلافاً للأصول والقوانين، ما يعدّ مصادرة لصلاحيات المجلس وإقراراً للسطوة السياسية والتنفيذية على القضاء. والواقع أنّ خوري لم يجد قاضياً واحداً لتولّي هذه المهمة، وأنّ ستّة قضاة آخرين اقترح عليهم لعب هذا الدور، رفضوا. فمضى باسم القاضية نصار، لأنه كما يُقال في قصر العدل ووزارته، إنّ لا قاضي أو قاضية مسيحية قبلوا سوى سمرندا نصّار، لأنّ السلطة لا تعرف سوى التعامل طائفياً ومذهبياً مع الأمور.
  3. نعرف أنّ علاقةً شخصيةً تجمع عائلة وزير العدل بعائلة أحد الموقوفين الأساسيين في ملف المرفأ، من خلال إعجابات وتمنيّات ودعوات متبادلة على وسائل التواصل الاجتماعي. فنعرف أنّ للوزير مبتغىً شخصياً، غير المبتغى السياسي، لتنفيذ مهمّة الإطاحة المبطّنة بتحقيق المرفأ ومحققه العدلي. هو وزير لا قاضٍ، لا يمكن ردّه ولا الارتياب فيه، فيبقى سائباً على هواه السياسي.
  4. نعرف أنّ في مجلس القضاء الأعلى، الآن، سبعة قضاة يؤمّنون النصاب. ينسحب من بينهم عويدات لتنحّيه عن ملف المرفأ، ويبقى ستّة. ثلاثة منهم عونيّون، واحد ثنائيّ الهوى، واحد جنبلاطي، إضافةً إلى رئيس المجلس القاضي سهيل عبّود. وبناءً على ذلك، الحسبة واضحة ومعلومة حتى قبل بدء الجلسة: على الأقلّ 4 أصوات لصالح الإطاحة ببيطار تحت مسمّى تعيين القاضي البديل.

ابتزاز القضاء

  1. نعرف أنّ قرار تبنّي المجلس اقتراح وزير العدل جاء نتيجة تسوية أو تفاهم أو اتّفاق نصّ على تعيين البديل مقابل توقيع مرسوم التشكيلات القضائية لمحكمة التمييز. لكن نعرف أنّ السلطة السياسية، ممثلّةً بوزير المال الكرتوني يوسف خليل، ستظلّ قابضة على المرسوم لشلّ التحقيق بالكامل وتنفيذ ما يلزم على مستوى تفريغه وإطلاق سراح الموقوفين ووقف ملاحقة المدعى عليهم السياسيين بواسطة القاضي البديل.
  2. نعرف أنّ القاضي سهيل عبّود يحاول إبعاد هذه الكأس عنه. كأس تسليم القضاء كلياً وعلناً إلى السلطة السياسية. في الجلسة الأولى مَنَع التصويت لتعيين القاضي البديل والوحيد، ويحاول لعب بعض الأوراق تمهيداً للجلسة الثانية. من بينها، خيار إعادة الحياة إلى الهيئة العامة لمحكمة التمييز (للنظر في طلب الردّ المقدّم ضد القاضي الناظر بطلب الردّ المقدّم ضد البيطار)، من خلال الأعضاء المُنتدَبين في رئاسة الغرف وليس الأصيلين. ورقة قانونية قد تُمكّن القضاء من تجاوز كل الهرطقات والتعطيل.
  3. لكن نعرف أنّ الابتزاز الفعلي لعبّود وسائر القضاة قائم من خلال الإيحاء بأنّ تحسين ظروفهم الاقتصادية والمعيشية عبر صرف رواتبهم على سعر 8,000 ليرة للدولار، يمكن أن يشكّل الرشوة الرسمية من قبل السلطة للجسم القضائي. 

آخر معركة

  1. نعرف هدف السلطة منذ أن أطلّ أمين عام حزب الله وقال بدكم تلاقوا حلّ لهذا الموضوع، مجلس القضاء الأعلى ما بدّه يحلّ هذا الموضوع، المطلوب من مجلس الوزراء يحلّ هذا الموضوع. وكان قبلها تهديد البيطار بقبعه، وبعدها 14 تشرين الطيّونة.
  2. نعرف أنّ محور المتضرّرين من عمل المحقّق العدلي لا حيلة بيده سوى التعطيل والتهديد والتلويح بالفتنة وتجاوز الصلاحيات والقوانين واللجوء إلى الهرطقة، فتنتقل المعركة اليوم إلى داخل مجلس القضاء الأعلى الذي يزال فيه من يتمسّك ولو بنقطة من ماء الوجه، أقلّه حتى الساعة. 
  3. نعرف أنّ كل ما حصل ويحصل في ملف المرفأ، هدفه الأول والأخير طمس الحقيقة ومنعها عن أهالي الشهداء وعموم الضحايا. 
  4. نعرف أنّ كل هؤلاء المتضرّرين من التحقيق والمحقق العدلي، يحنّون إلى الزمن العضّومي، إلى زمن كتبة التقارير وإصدار الأحكام القضائية من مراكز أمنية أو مجالس سياسية.
  5. نعرف أنّ المطلوب نسف هامش الاستقلالية الموجود بيد القضاء، لمصادرتها بالكامل ووضعها في جلباب الزعامات والطوائف لمرّة أخيرة ونهائية. 
  6. نعرف كل ما سبق. ونواجهه أفراداً وجماعات، لكن إلى الآن، لا نعرف كيف نواجهه لمرة أخيرة ونهائية. 

آخر الأخبار

«لا مجاعة في غزّة»
جعجع: الأمن الذاتي بحجّة مكافحة النزوح السوري
اجتياح رفح 
الإفراج عن الأكاديمية نادرة شلهوب كيفوركيان
خوفاً من مذكّرة اعتقال دولية
هكذا يعذّب الاحتلال الدكتور إياد شقّورة