تعليق طوفان الأقصى
باسم بريش

حين سألني عصام: طريق القدس من وين؟

16 تشرين الأول 2023

صاروخ إسرائيلي يصيب تجمّعاً للصحافيين على الحدود اللبنانية. 

هكذا ظهر الخبر على قناة الجزيرة، مرفقاً بمشهد على الشاشة يُظهر لايف انفجار الصاروخ. لم أكن أعلم حينها أن الصاروخ الذي رأيته ينفجر مباشرةً قد انفجر بجسد صديقي عصام. 

عذرًا عصام، لم أكن أعلم أنك كنت تموت في هذه اللحظة. 
عذرًا عصام، كان عيد ميلادي ولم أتوقع أنه سيصبح يوم استشهادك. 
عذرًا عصام. 

يرّن التلفون. أجاوب. صديق يسألني عن عصام. يقول لي إنّ هناك خبراً غير مؤكّد أنّ عصام قد أصيب. أعطيه رقم صديق له للاطمئنان. وأي اطمئنان. ينتهي الاتصال وينتهي معه عصام. 


«طريق القدس من وين؟»، هكذا كان عصام يسأل ممازحًا كلّما رأيته. كنت أردّ «فايت بالمفرق الغلط». لا أعلم، يا صديقي، طريق القدس من أين، ولا أعلم إن كنتَ حقاً في «المفرق الغلط». لكنني أعلم أن الذي دنّس القدس هو قاتلك. لن أنسى هذا.

كان عصام «البذرة الصالحة»، أينما زرعتَه ينبت فرحًا وأملاً وخضرةً وحبًا. أحبَّ الناس والماء والضحك. احبّ النكتة والسذاجة والمنيكة. أحبّ اللحمة، مشويةً كانت أم نيّة. أحبّ الكأس والجاز والصالون والكاميرا. أحبّ الحيوانات كما حبّه للبشر، ربّما أكثر بقليل. أحبّ الليل، ولم يكن لديه مشكلة مع الصباح. أحبّ الدراجة النارية، وكان موجوداً دائماً أينما كنت في بيروت وبأي ساعة، كأنه كان صاحيًا وعلى كل مفرق من مفارق القدس على دراجته.


«كم صبّاب عندك؟» سألته مرة.
«قد متويتي الجديدة»، ردّ.

لكنّه كان أسرع من دراجته النارية حين تطلب منه أي شيء، أي خدمة، أي مهمة. أينما كنت وبأي ساعة، تراه أمامك مبتسمًا. وهذا ما عرفوه بـ«رويترز» عندما أرسلوه إلى الرقة وأوكرانيا وتركيا واليمن و… لكنه رفض الموت بعيدًا عن بيته. جال معارك وزلازل العالم ورفض الموت بعيدا عن بيته وعائلته ورفاقه. كان يعرف بوصلته، نعم كان يعرفها. ما لم يكن يعرفه عصام أن «رويترز» لن تقول الحقيقة عن موته. لن تقول إن صاروخًا اسرائيليًا أصاب جسده وقتله. ستضبضب الخبر بأسلوب أبيض يأكله العفَن. لكن دعنا من هؤلاء.


- «إيه حُبّ؟» هكذا ردّ على اتصالي، عندما اتصلت به بالغلط قبل أيام. 
- «وينك؟ ما تقلّي بالجنوب؟»، سألته.
- «لا، سياحة»، جاوب.

سوح، يا حبّ، سوح.
وين ما تكون.

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
قوّات سوريا الديمقراطيّة
13-12-2024
تقرير
قوّات سوريا الديمقراطيّة
ورقة الأكراد لضمان دورهم السياسي
داخل أحد مصانع الكبتاغون التابعة للأسد
حدث اليوم - الجمعة 13 كانون الأول 2024 
هنا دمشق
13-12-2024
تقرير
هنا دمشق
هنا السويداء
13-12-2024
تقرير
هنا السويداء
هنا حماة
13-12-2024
تقرير
هنا حماة