قضية الأسبوع إعلام
ميغافون ㅤ

المُطاوِع

13 كانون الأول 2025

فيديو مجتزأ، استنكار مصطنع، إخبار مدبّر

كما بات معتادًا في جمهورية الكراهية والتزمّت، يظهر «فجأة» على وسائل التواصل الإجتماعي فيديو مجتزأ، هذه المرّة لكوميدي اعتُبِر مسيئًا للديانة المسيحية. تبدأ موجة الاستنكار المصطنع بالتصاعد، محمولة من بعض «نجوم» شبكات التواصل الاجتماعي، يستفرغون تهديداتهم بين فيديو عن الرياضة وآخر عن المطاعم. تكبر القضية، فيطل المونسنيور عبدو أبو كسم ليحسم القضية وسلطة الكنيسة من ورائه: الفيديو يضرب عقيدة القيامة، هذا قبل أن يقدّم إخبارًا للمدعي العام. الأجهزة والقضاء تتحرك بسرعة وفعالية غير معتادة، فيتمّ استجواب الكوميدي، ودفعه إلى الاعتذار. 

تمّ إنقاذ عقيدة القيامة من النكتة، يمكن للمونسنيور أن يرتاح.

هذه ليست المرة الأولى التي يتحرّك فيها نظام الوشاية هذا. فقد طال في الآونة الأخيرة الكوميديين، لكنّه غير مقتصر عليهم. أفلام، عروض فنية، كتب، أماكن عامة، كلها يتمّ مراقبتها وتأديبها من هذا النظام، المكوّن من وسائل إعلام وأجهزة أمنية وجموع مستنكرة، وفي وسطها رجال دين، يحرصون على الأخلاق العامة. وفي الشقّ المسيحي لهذا النظام، يجلس المونسنيور عبدو أبو كسم على رأس «المركز الكاثوليكي للإعلام»، ليتأكّد أن ما يقال لا يعارض مفهومه للديانة المسيحية، معمِّقاً، مع كل عملية منع، سلطته على الخطاب العام.

في وسط نظام الوشاية، مونسنيور حريص على الأخلاق العامة، وجد في تأديب الفن والثقافة مدخلًا لإرساء سطوته على الخطاب العام، حتى تحوّل إلى ركن أساسي في نظام القمع الراهن.


الإعلام حسب الكنيسة

المونسينيور عبده أبو كسم ليس هامشيًا في الكنيسة، وهو الذي كان قاضياً في «المحكمة الاستئنافية المارونية» قبل أن يصبح في عام 2001 مدير «المركز الكاثوليكي للإعلام». هدف المركز رسم الخطط الإعلامية للكنيسة والتواصل العلمي مع الرأي العام. لكنّ هذا ليس إلا جزءاً من العمل. فمن بين مسؤوليات المركز «تثقيف وتنوير الضمائر، لتمييز الحق من الباطل في الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي»، وذلك من خلال عدد من السياسات، ومن بينها «التعاون مع مديريّة الأمن العام اللبناني في مراقبة الكتب والمجلاّت والأفلام الواردة من الخارج، وإبداء الرأي فيها». 

الرقابة، إذن، في صلب عمل «المركز الكاثوليكي للإعلام». وفي عهد المونسنيور، تعمّقت علاقة المركز مع الأمن العام، كما فعّل تعاون مسيحي-إسلامي لقمع الحريّات والثقافة، يضمّ إلى جانب المركز «دار الفتوى» و«المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى». وأتقن المونسنيور الإطلالات الإعلامية ولعبة الإخبارات القضائية، ليتحوّل فعليًا إلى مطاوع، يحدّد المسموح والممنوع، من خلال نظام يبدأ من المؤسسات الدينية ليمتدّ إلى القضاء والإعلام. 

استغرقت عملية بناء نظام الوشاية بعضًا من الوقت. فبدأ المونسنيور متواضعًا، دوره، كما كان يراه في عام 2009، استشاري، ولا يلزم الأمن العام بشيء. بدأت العلاقة العلنية مع الأمن العام تتوطد، بعدما كانت تحت الضوء لسنوات. ففي عام 2011، كان الأمن العام، حسب أبو كسم، يعرض عليه الأعمال الثقافية وبعد الاطلاع عليها، نعطي رأينا إما بتمريرها أو بمنعها أو تعديلها. بعدها، بدأ المونسنيور يشترط على الأعمال الفنية تعديلات لكي تعرض، كما صرّح في عام 2012 بعد وقف عرض «تنّورة ماكسي»: طلبنا إيقاف عرضه حتى يتم تعديل المشاهد التي طلبنا تعديلها منذ تموز/يوليو الماضي. بدأت سلطة أبو كسم تكبر، ومعها مطالباته بمنع عروضات من هنا وحذف مقاطع من هناك. وباتت هناك علاقة تواطؤ مع الإعلام، الذي وجد في إثارة تلك القضايا «الفضائح» التي يحتاجها من أجل جذب المشاهدين، وفي المونسنيور، الغطاء الشرعي لتبرير موجات «الهلع الأخلاقي».

ومع ازدياد دوره، وجد المونسنيور حلفاء من الطوائف الأخرى لإعطاء بعد جامع لسياسات التزمّت هذه. في عام 2016، تمّ عقد لقاء مسيحي-اسلامي لوضع ضوابط واجراء رقابة على الفرق الفنية. بات هناك مظلّة وطنية لسلطة أبو كسم الذي بدأ يستسهل تقديم الاخبارات التي غالبًا ما كانت تترجم استدعاءات ودعاوى ضد فنانين أو صحافيين أو كوميديين. وجاء تتويج أبو كسم كمطاوع الجمهورية في عام 2019، مع  إلغاء حفل «مشروع ليلى» في مهرجانات «بيبلوس». 

مع منع حفل «مشروع ليلى»، بات نظام الوشاية مكتمل المكوّنات: إعلام فضائحي، جموع غاضبة، قضاء وأجهزة متواطئة، وفي وسطه مدير «المركز الكاثوليكي للإعلام»، مطاوع الجمهورية. 


ماذا يخيف المونسنيور؟

المونسنيور أبو كسم يخاف على الأخلاق العامة، وخوفه يمتدّ إلى كل ما يمكن أن يمسّ بإيمان العباد، من أفلام إلى كتب وعروض مسرحية وأغانٍ. لكنّ خوف المونسنيور لا يقف هنا. فهو يخشى أيضًا فيديو كليب الفنانة نايا «بكيفي»، غنية «يهوذا» للايدي غاغا، مسابح في متجر «NanaB»، فيلم «Annabelle 2»، فيلم «Ring 3»، عمل فني في متجر للأعمال الفنية في جونية، باربي، رياضة اليوغا، احتفال للهالووين

المونسنيور قلق على رعاياه في عالم باتت فيه الشهوات تتكاثر. فمسؤولية المركز هي «تثقيف وتنوير الضمائر، لتمييز الحق من الباطل في الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي». فقرّر تنوير الضمائر بالقوة. لكنّ رسالته ليست محصورة بالمسيحيين فحسب، فهو كما قال في مؤتمر لسكايز لا يخاف على المسيحيين،  بل على غير المسيحيين الذين قد يصدقون ما ورد في الكتاب، وبالتالي يصبح ديننا مهزلة أمام الناس. فالقمع هو لتأديب داخل الطائفة، ولترهيب خارجها. نعاقب كي لا نصبح مهزلة أمام الغريب. 

أمّا أسباب المنع والحذف والإلغاء، فهي متنوعة، حسب حاجة المونسنيور المتزايدة لحجج لضبط الثقافة. هناك السبب الأساسي، أي المسّ بجوهر العقيدة المسيحية وتشويه تاريخ الكنيسة. أحياًنا، السبب يتجاوز المسيحية ليصبح الحفاظ على القيم والاخلاق وثقافة هذا البلد وحضارته. أي شيء يروّج لانتصار الشيطان أو يمسّ بصورة الراهبات أو يحتوي على شخصيات مثلية، يجب منعه. لكنّ السبب يمكن أن يكون شباباً يرقصون بطريقة غريبة، حسب المونسنيور. 

السبب غير مهم، فهناك دائماً سبب جاهز حسب الحاجة. السبب الوحيد المهم هو تعميق سطوة المونسنيور على الثقافة والأخلاق. والجدول التالي ليس إلّا بعض إنجازات المونسنيور في السنوات الماضية.

  • 2004: منع رواية «شفرة دافنشي» بعد اعتبارها مسيئة للمسيحية حسب المونسنيور الذي وجد فيها عبارات تقول إن يسوع المسيح كان له علاقة جنسية مع مريم المجدلية وأنجب أطفالا منها.
  • 2009: محاولة منع فيلم «Help» قبل الاتفاق على رفع عمر المشاهدة إلى 21 عاماً.
  • 2009: إلغاء عرض فيلمين لباولو بينفينوتي، ضمن استعادة تكريمية لأربعة من أعماله في «متروبوليس» لكون المونسنيور رأى فيهما ما يتعارض مع تاريخ الكنيسة ومع الواقع.
  • 2010: إخبار من المونسنيور إلى وزير الإعلام الذي وجّه كتاباً إلى وزير العدل، ما أدّى إلى رفع دعوى على محرّري «سمندل» بسبب رسوم اعتُبرت مسيئة للمسيحية.
  • 2012: وقف عرض «تنّورة ماكسي» إلى حين حذف ستة مشاهد منه، اعتبرها المونسنيور تمسّ بالمقدسات الكنسية، قبل عرضه مجدداً.
  • 2012: منع فيلم «فاتح 1453» بدعوى إثارة الفتنة الطائفية وتصوير الكنيسة كمكان للفجور والعربدة.
  • 2012: سحب مسابح من متجر «NanaB» بعد اعتراض المركز الكاثوليكي على استبدال الصليب بجمجمة أو حيّة.
  • 2013: توجيه تنبيه لبرنامج «بس مات وطن» بسبب تقليد البطريرك صفير.
  • 2015: حذف مشاهد من مسرحية لينا خوري «لماذا رفض سرحان سرحان ما قاله الزعيم عن فرج الله الحلو في ستيريو 71» اعتبرها المونسنيور مسيئة للطقوس المسيحية.
  • 2015: رفع دعوى لوقف فيديو كليب الفنانة نايا «بكيفي»، والذي اعتبره المونسنيور عهر لا فن، وطلب الأمن العام إيقاف عرضه.
  • 2016: إثارة قضية حفل غريس جونز والمطالبة بإنشاء لجنة رقابة على الحفلات الفنية والبرامج التلفزيونية والأعمال المسرحية منعاً لـ المس بالرموز الدينية والآداب والأخلاق العامة.
  • 2017: حملة أطلقها المونسنيور ضد اليوغا معتبر إياها شكلاً من «عبادة الجسد» ومنافية للإيمان المسيحي.
  • 2017: إيقاف فيلم «المسيح» على MTV بعد اعتراضات شعبية رغم حصوله مسبقاً على موافقة المركز الكاثوليكي.
  • 2018: دعوى ضد شربل خوري وجوي سليم بعد منشور اعتبره المونسنيور مشككاً بمعجزة دينية، كما اعتبر من العجب في ان تكون هذه الشابة تمتهن الصحافة.
  • 2018: استدعاء وديع الأسمر بسبب منشور يتعلق بقضية شربل خوري.
  • 2019: إزالة عمل فني من متجر للأعمال الفنية في جونية بعد امتعاض المونسنيور من عمل اعتبره بعيد كل البعد عن الفن التجريدي وإنّما هو استهزاء بالمسيح المصلوب.
  • 2019: إلغاء حفل «مشروع ليلى» في مهرجانات «بيبلوس» بعد تهديدات وضغط من المركز وجهات دينية.
  • 2020: اتهام شبّان بالانتماء لعبدة الشيطان في صفاريه بعد احتفال للهالووين. لكن المونسنيور اعتبر أنّهم يرقصون بطريقة غريبة.
  • 2020: منع عرض فيلم «العادة» باعتباره يسخر من المسيح ويشوه صورته.
  • 2022: وزير الداخلية بسام مولوي منع مؤتمراً حول المثلية بعد التشاور مع مراجع دينية بينها أبو كسم.
  • 2023: المونسنيور لوّح بطلب منع فيلم «باربي» لأنه يحتوي على شخصيات ومضامين متعلقة بالمثلية باعتبارها تمس القيم الأخلاقية.
  • 2025: هاجم المركز الكاثوليكي برنامج «مرحبا دولة» على «أل.بي.سي.» وطالب بوقف بث مشاهد اعتبرها مهينة ومسيئة للمؤسسات الدينية.
  • 2025: مناشدة المدعي العام التمييزي جمال الحجار لمعاقبة ماريو مبارك بعد تصريحات اعتُبرت تطاولاً على المسيح.

هذا جزء من إنجازات المونسنيور. وقد يكون إنجازه الأساسي أنّ المنعَ أخذَ يعمل تلقائياً، من دون تدخّله المباشر، ولكن بما يتماشى مع فلسفته التي باتت تظهَر في تبريرات المؤسّسات الرسمية. ففي عام 2016، صادر الأمن العام أسطوانةً لبشّار خليفة بسبب مقطع غنائي اعتبره مسيئاً دينياً. وبعد سنة، مُنع فيلم الرعب «Annabelle 2»، بذريعة أنّه يسيء إلى الرموز والمؤسّسات المسيحية ويظهر انتصار الشيطان على الكنيسة، ثم فيلم «Rings 3» بحجّة أنه يروّج لانتصار الشيطان ويمسّ بالدين. وفي عام 2018 مُنع فيلم «The Nun» باعتباره يشوّه صورة الراهبات.

ولم يقف المونسنيور عند الحدود اللبنانية. فاتّهم الـ«بي. بي. سي.» بارتكاب خطأ بالترجمة حيال كلام البابا فرنسيس حول المثليّين. وكونه لم يوافق على الكلام، قرّر «ترجمته» لرعاياه اللبنانيين على ذوقه. ثمّ طالب الدولة الفرنسية بتقديم اعتذار علني لكل المسيحيين في العالم بعد افتتاحية الألعاب الأولمبية في باريس.

نتيجة كلّ هذا، يكون المونسنيور شخصياً مسؤولاً عن تسطيح الحياة الثقافية في لبنان، حيث أدّت تدخّلاته إلى ازدياد القمع والمنع ثم ازدياد حالات الرقابة الذاتية وعدم عرض الأعمال. 


الخوف من ضحايا منصور لبكي

المونسنيور يرى «الشذوذ» في كل مكان، إلّا في كنيسته. 

لم يمانع أبو كسم بإرسال القوى الأمنية لتقتحم خصوصيات من رقص بطريقة غريبة بنظره، أو تقديم إخبار بحق كوميدي لم تعجبه مزحته أو منع فيلم لأنّه لا يعجبه. سلطة المونسنيور لا يحدّها أي اعتبار قانوني أو أخلاقي. هو السلطة والقانون والأخلاق. إلّا لما القضية تمسّ اغتصاب أطفال من قبل أب زميل له في الكنسية. فجأة، بدأ المنسنيور يتبلكم، خفت صوته المهدّد، فقدت اتهاماته ثقتها بنفسها. عاد المونسنيور ليكون مجرّد إنسان، بعدما هزّت القضية إيمانه. لكن للتوضيح، لم يكن اغتصاب الأطفال ما أدخل الشكّ إلى قلبه، بل المعاملة السيئة للأب-المغتصب. بعد صدور أول التحقيقات في مجلة «لا كروا»، تذكّر المونسنيور أنّ هناك حدوداً لما يجب على الإعلام تناوله: إذا القرار صحيح، مش معناتا أنو لازم نحن نحمل هذه القضية ونحكي فيها، يعني في دايما خصوصيات الناس. 

فجأة، المفتش العام الذي وجد «شذوذًا»، من محل NanaB إلى مجلة «سمندل» مرورًا بفيلم «باربي» ووصلًا إلى ممارسة اليوغا، لم يعد يسمع أصوات من يتهمون الكنيسة بالتستر على اغتصاب الأطفال. ليس من حالات تذكر في لبنان، أكّد أبو كسم، لأنّ لبنان بلد صغير، أيّ شخص يتصرّف تصرّفاً مثيراً للشكّ فيه، يعرف مباشرةً. وعندما ووجه بالأسئلة، عاد إلى دوره المعتاد، أي السيطرة على الخطاب العام: في لبنان، هناك الكثير من المتحرّشين. لماذا التركيز على الكنيسة؟ يقول المطاوع، قبل أن يشي بحلفائه في اللقاء المسيحي- الاسلامي: هل طرحتم الموضوع لدى الإسلام؟

لكن لا مجلة «لا كروا» ولا القضاء الفرنسي ولا الفاتيكان يأتمرّ بقرارات «المركز الكاثوليكي للإعلام». فالقضية باتت علنية والتهم مؤكّدة والضحايا محررين من سطوة الكنيسة المتسترة. للحظة ظهرت معالم الشكّ على وجه المطاوع. لا أنفي ولا أؤكّد، قال المونسنيور، قبل أن يضطر للاعتراف بأن الكنيسة تحترم قرار القضاء. لكنّ هذا لا يعني أن عمليات الاغتصاب المتكررة مسألة حيز عام، مثلها مثل مسابح في محل NanaB مثلًا. هذه قضية بتخص الكنيسة وهي بتعالجها. حاول المونسنيور سحب القضية من الحيز العام، كما تمّ سحب الأب منصور لبكي من التداول العام. فعقابه كمغتصب تحدّده الكنيسة التي طلبت منه أن يقوم بمسيرة توبة. فلماذا الاستنكار؟ هو في دير وممنوع عليه الاختلاط بضحايا جدّد، وإن كان لبكي لا يبالي بالعقاب كما تبين واستمر بحياته الطبيعية. الغريب أنّ أبو كسم يحب السجن، ووصفه كفرصة لإيقاظ النعمة وإعادة الاتصال بالإنسانية. لكن ليس عندما يطال الأمر زميلاً له في الكنيسة. 

لم يدُم ضيعان المونسنيور طويلًا. فدوره الأساسي ليس حماية الأخلاق العامة، بل الدفاع عن سلطة الكنيسة على الخطاب العام. والتهديد لم يأت من أفعال أب مغتصب، بل من جرأة ضحاياه التي لم تعد تسكت أمام تهديدات الكنيسة ومطاوعيها. حاول المونسنيور ضبط نفسه، حتى انفجر مباشرة على الهواء. إنت المجرمة، قال المونسنيور للضحية. لم يكن هذا مجرّد ردّ فعل أو زحطة. كان هذا تعبيرًا صادقًا عن مفهوم المونسنيور للأخلاق. العالم خارج الكنيسة ساقط وبحاجة إلى تطويع من قبلها. أمّا داخلها، فالتستر وحماية الهيكل هما الأساس. 

بكلام أوضح، إن كنت شابًا وترقص بطريقة يعتبرها المونسنيور غريبة، فالقضاء والكنيسة والأمن سينهالون عليك. أمّا إن كنت آباً مغتصباً، فستجد غرفة لك في دير، ومطاوعاً يحمي سمعتك. 


باربي ومنصور

يحق للمونسنيور أن يعتقد ما يشاء ويرفض ما يشاء. لكن ما لا يحق له هو أن يكون له نظام وشاية يؤسس لسياسة قمع وكراهية، أن يجلس على عرشه في «المركز الكاثوليكي للإعلام» ويخطط مع مدعي عام من هنا وجهاز أمني من هناك لترهيب وقمع كل من يخرج عن حدود المسموح التي وضعها المونسنيور. المشكلة ليست في المونسنيور. فأن تضمّ الكنيسة متزمتين يخشون محبسة أو رقصة أو رسمة، فهذا طبيعي. ما ليس طبيعيًا هو أن تكون الدولة اللبنانية، مع أجهزتها القضائية والأمنية، تخضع لأوامر هذا المطاوع، لتحوّل آراءه الرجعية والمتزمتة إلى ما يشبه سياسة رسمية، مدعومة من جوقة من الزعران في الشارع، يتحركون على الطلب. إن كان هناك دولة في لبنان، فعليها أن تقف فوق الجميع، لتؤمن مساحة لاختلافاتهم، لا أن تتحول إلى الذراع الأمني للكنيسة. 

فأعطونا باربي والمسبحة والستاند أب كوميديان وسمندل ومشروع ليلى وسهرة الهالويين واليوغا، وخذوا منصور لبكي.

آخر الأخبار

مواد إضافيّة
قضية الأسبوع

المُطاوِع

ميغافون ㅤ
6,900 $ سيدفعها المشجّع الواحد لحضور مباريات فريقه في كأس العالم 2026، ما يُعادل 5 أضعاف أسعار الـ2022.
حدث اليوم - الجمعة 12 كانون الأول 2025 
5 أشهر على المجزرة: الحياة تعود إلى كنيسة مار الياس
12-12-2025
تقرير
5 أشهر على المجزرة: الحياة تعود إلى كنيسة مار الياس
رجّي: معاهدة السلام شوي بعيدة
أهالي الأسرى في السجون الإسرائيلية يعتصمون في بيروت